يستقطب موضوع الجهة اهتماما متزايدا ليس فقط في المغرب، بل بمختلف بقاع
العالم، كإطار ملائم لبلورة إستراتيجية بديلة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية
والمحلية وتقوم على تعبئة الموارد والطاقات الملحية من أجل ترسيخ الديمقراطية
وتطوير البناء الجهوي.
وتهتم دول العالم في عصرنا الحالي اهتماما متزايدا بالمسألة الجهوية كإطار
ملائم للمساهمة في بلورة استراتيجيات جديدة للتنمية.حيث أن سياسة الجهة كتنظيم
إداري سياسي، تبنتها ألمانيا في دستور1949، وإيطاليا في دستور 1948وإسبانيا في
دستور 1978، وجعلت من الجهة العنصر الأساسي في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وتشكل الجهة والجهوية إحدى الخيارات الأساسية للدولة الديموقراطية الحديثة،
ولذلك تسعى العديد من الدول إلى رفع شعار الجهوية وتقدم اجتهادات هامة في سياق
تطوير وتنمية هذا الاختيار[1].وفي هذا الصدد نجحت العديد من الدول المتقدمة في
إرساء دعائم نظام جهوي موفق في تطبيقاته التي انعكست إيجابيا على مجالات
التنمية الجهوية[2] . فهي آلية تدبيرية لسياسات الدولة من جهة والاختلافات
والتعقيدات التي يعرفها كل نسيج مجتمعي. فالجهة كمفهوم تنبني على أساس معايير
موحدة متكاملة تشكلها معطيات بشرية تاريخية وطبيعية، تعبر عن خصوصية المجال
الترابي وتعلن عن هويته السوسيو تاريخية التي تميزه عن باقي مناطق البلاد[3].
ومما لا شك فيه أن المغرب أصبح الآن مقتنعا بحتمية تحقيق إصلاح جهوي فعلي
يستجيب لتطلعات المجتمع المدني بمختلف مكوناته الثقافية واللغوية.فالجهة ستشكل
مستقبلا إطار لإنعاش وتنمية وسائل وآليات جديدة بل وإتاحة استعمال أفضل
الموارد البشرية والطبيعية[4].
فالدولة الحديثة لم يعد بإمكانها اليوم الاعتماد الإداري المركزي، بل أصبحت
تعمد إلى توزيع السلطات بين المركز والمحيط، من خلال توزيع المهام والصلاحيات
بغيت الوصول إلى نمط إداري وممارسة سياسة أمثل تحقق التوزيع العادل للثروة
وتخفيف الديمقراطية كآلية وغاية.
إن إشكالية التنمية عموما ببلادنا، التي تحاول تجاوز مشاكل التخلف بمظاهره
التي تحد من التطور واندماج فئات واسعة من المجتمع في سيرورة ودينامية مجتمع
متحرك ذو قابلية للتحول والتغيير سيما وأن المراهنة اليوم هي على العنصر
البشري بالدرجة الأولى. مع الأخذ بعين الاعتبار أن التنمية المحلية لن تستطع
حلها، يتبنى نماذج استتبت في دول هي مغايرة لنا، تاريخيا وثقافيا دون أن يعني
ذلك الانغلاق وعدم الاستفادة من تجارب الغير على سبيل تطوير وخلق نموذج ذاتي.
إن إشكاليات تداخل الاختصاص بين الجهة والوحدات اللامركزية الأخرى من جهة
والدولة من جهة أخرى ونظام التمويل بالجهة وحضور ممثل الدولة القوي على مستوى
التدبير الجهوي والتقسيم الجهوي. كلها إشكالات تحد من فاعلية الجهة كفضاء
حقيقي لحل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يعرفها المغرب والتي حددتها
خريطة الفقر بعد إحصاء 2004 والتي وقفنا على بعض مظاهرها من خلال الأرقام
الموجودة بالعرض.
لا جدال في أن الجهة أصبحت في وقتنا الراهن إطارا للوحدة والاستقرار كما هي
أساس احترام الاختلاف وضمان للتسيير الشأن العام المحلي بمستويات اقتصادية
وإنتاجية متباينة، وذلك بما يخدم ازدهار المواطنة كوحدة ونواة عضوية وانتشار
الحرية كفضاء للحياة والتنمية.
*أولا:** ** التمييز بين الجهوية الادارية و الجهوية السياسية*
إن مفهوم الجهوية لا يحمل دلالات سياسية واضحة، ومادام يعتبر في
حد ذاته سياسة تتبعها الدولة، فإنه يتموقع في مرتبة متواضعة تتمثل في المستوى
الإداري أو المستوى الاقتصادي.
ويحيل مفهوم الجهوية الإدارية régionalisation إلى اعتراف الدولة لوحدة
جهوية معينة تتميز بانسجامها،وتحويلها عن طريق مجموعة تدابير معينة المشاركة
في تدبير شؤونها المحلية.فمفهوم الجهوية ذي الطابع الاداري-الاقتصادي يسعى
لخلق إطار من التكامل والانسجام والتوازن، من خلال ما يفرضه المنطق المؤسساتي
الذي يهدف تحقيق الوحدة، وفي نفس الوقت تحقيق التنمية على المستوى المحلي[5].
أما مفهوم الجهوية السياسية régionalisme –جهوية مؤسساتية- أقصى درجة
اللامركزية في إطار الدولة الموحدة دون الوصول إلى مستوى الدولة الفيدرالية،
حيث تتوفر فيها الجهة على سيادتها وبالتالي فهي وسيلة لتحديث الدولة دون تجزئة
سيادة الدولة. إن الجهوية على هذا الشكل تسعى إلى هدفين رئيسيين هما: تعميق
التعددية السياسية والثقافية من جهة، والحرص على الاندماج الاجتماعي والتضامن
المجتمعي[6].
والجهوية السياسية أساسها دستوري، وهي تعد أرقى أنواع الجهوية الحديثة في
الدول المتقدمة، فهي تمثل سلطة سياسية حقيقية متميزة عن سلطة الدولة، فهي
جماعة ديموقراطية مسيرة من طرف أجهزة سياسية منتخبة بطريقة مباشرة، والجهة هي
أعلى مرتبة في مستويات اللامركزية الترابية إذ لا تتوفر فقط على اختصاصات
إدارية وإنما أيضا لها اختصاصات تشريعية وتنظيمية أصلية محددة دستوريا[7].كما
تتوفر الجهة في إطار الجهوية السياسية على سلطة تحديد نظامها القانوني وطرق
عملها وأجهزتها، وهي تتقاسم مع السلطة المركزية الوظائف السياسية خاصة في
الميدان التشريعي والتنظيمي.
وفي هذا الإطار لابد من التمييز بين الجهوية السياسية التي هي أقصى درجة
اللامركزية في إطار الدولة الموحدة، وبين الجهوية السياسية في إطار الدولة
الفيدرالية التي هي أعلى مستوى بحيث تتوفر فيها الجهة على السيادة وبالتالي
فهي وسيلة للحفاظ على وحدة الدولة، فعلماء الإدارة على يصطلحون على تسمية
الدولة الموحدة التي تتبنى الجهوية السياسية بالدولة الجهوية (l'état régional)
كما هو الشأن بالنسبة لإيطاليا عكس الدولة الإسبانية التي يصفها الباحثون في
العلوم السياسية والإدارية بدولة المجموعات المستقلة (l'Etat des autonomies)
[8]. هذا ويطلق البعض على مصطلح (régionalisme politique) تعبير الإقليمية
السياسية أو نظام المناطق السياسية، ورغم هذا التعدد في التسميات إلا أنها
تؤدي معنا واحدا[9].
لقد صارت الجهوية السياسية وسيلة للحفاظ على وحدة الدولة العصرية من
خلال اعترافها بذاتية المجتمعات المحلية التي قد تكون أقليات سياسية اجتماعية
أو عرقية في إطار من التضامن والانسجام الوطنيين، لهذا نجد أن الدول التي عانت
من المركزية الشديدة في التسيير والحكم هي التي تبنت أرقى أشكال الجهوية
العصرية كإسبانيا وإيطاليا وألمانيا.
وإذا كانت اللامركزية الإدارية هي تنظيم السلطة الإدارية أو الوظيفة الإدارية
للدولة الموحدة، واللامركزية السياسية هي تنظيم السلطة السياسية أو تنظيم آلة
الحكم في الدولة الاتحادية، فهل هذا يعني أن التنظيم اللامركزي يقتصر على
نظامين قانونيين مختلفين: اللامركزية الإدارية واللامركزية السياسية، ولا
يتألف إلا مع شكلين من أشكال الدولة: فإما الدولة الموحدة وإما الدولة
الاتحادية؟ أليس هناك متسع لنظام قانوني يتعدى نطاق اللامركزية الإدارية ولا
يرقى إلى مستوى الدولة الفيدرالية، فيكون نظاما قانونيا وسطا بين الدولة
الموحدة والدولة المركزية؟
يقول شارل ديران Charles durand أنه توجد أنظمة قانونية تعتبر وسطا بين
الدولة الموحدة والدولة الفيدرالية، وهي الآن نادرة ولكنها قابلة للازدياد
فماذا ترى تكون هذه الأنظمة؟ هل هي نوع من اللامركزية السياسية في إطار الدولة
الموحدة؟ وهل يمكن تصور وجود لا مركزية سياسية في إطار الدولة الموحدة؟ وهل
ينسجم شكل الدولة الموحدة مع التنظيم السياسي اللامركزي؟ أم هل تكون ما يعرف
بنظام المناطق السياسية أو الإقليمية السياسية؟ وما هي طبيعته القانونية؟[10].
إن نظام اللامركزية الإدارية القائم على وحدات إدارية محلية مستقلة تنتظم في
شكل قرى أو بلديات أو محافظات لم يعد يتناسب مع تطور الحياة العصرية ومع تغير
مفهوم وظيفة الدولة، الأمر الذي أوجب على الدولة أن تعيد النظر في التقسيم
الإداري الذي تنتهجه بحيث تخلق أقساما جديدة تستجيب لدورها الجديد في التخطيط
والإنماء، فكانت المناطق والجهات والأقاليم التي اعتبرت وسيلة لا أكثر أو
إطارا حديثا لعمل الدولة الإنمائي، وهذا ما كان في فرنسا حيث أنشئ فيها 22
منطقة جديدة كإطار لعمل الدولة الإنمائي[11].
*ثانيا: الجهوية الموسعة كآلية للحفاظ على الوحدة الوطنية*
يقتضي تطبيق الجهوية الموسعة الانتقال إلى دولة الجهات Etat des
régions إقامة مجموعة من الجهات تتمتع باستقلالية واسعة عن المركز في بعض
المجالات المحددة أو تلك المفوضة لها من قبل السلطة المركزية. وفي هذه الحالة
يستدعي الأمر إجراء تعديل دستوري للارتقاء بنظام الجهة في مستوى متقدم من
اللامركزية في إطار الدولة الموحدة بمعنى الانتقال من الجهوية الإدارية
المعمول بها في المغرب إلى الجهوية الموسعة أو المتقدمة المحددة دستوريا.**
* 1 *-*الجهة بين رهان الوحدة ومخاطر التجزيء *
يؤخذ بالجهوية عادة في التنظيم الإداري والسياسي للدولة لوجود حاجيات
محلية يصعب تلبيتها باعتماد أسلوب المركزية الإدارية في التعاطي معها ، أو
لوجود خصوصيات متعددة ، دينية ، لغوية ، ثقافية أو إثنية ...إلخ تسعى للتعبير
عن نفسها بتميز عن باقي المكونات المجتمعية الأخرى داخل الدولة ، غير أن
الجهوية عموما و إن كانت تعكس نوعا من الأسلوب الديمقراطي في التسيير الإداري
والسياسي عبر تمتيع السكان المحليين بقدر من الحرية في المشاركة في تدبير
شؤونهم ، إلا أنها قد تحمل مداخل تفكك وحدة النسيج المجتمعي وبالتالي خطر
تجزيء الوحدة الترابية للدولة.
*علاقة الجهة بالدولة *
عادة لا تعتمد الدول أسلوب اللامركزية في التنظيم الإداري إلا تحت وطأة معطيات
يتداخل فيها السياسي بالاقتصادي والثقافي بالحقوقي وأحيانا الاثني والديني .. أي
أن خيار اللامركزية والذي تشكل الجهة أحد مظاهره وأهم رهاناته في الوقت الراهن
[12] كنتيجة للحاجة[13] إلى العيش المشترك تفاديا للصراع من جهة ، وتحقيق نوع
من التنمية في مختلف أبعادها من جهة أخرى ، كمطلب من طرف السكان على المستوى
المحلي وكخيار لا يعتمد من باب الترف السياسي والإداري بل يكون نتيجة تطور
ومسار تاريخي وسياسي طويل تتخلله عادة لحظات من التجاذب والصراع بين المركز
والمحيط حول ممارسة السلطة وحدودها.
وبالرغم من أن الجهوية كسياسة ، بها استطاعت بعض الدول أن تتجاوز مشاكلها
الداخلية بشكل متفاوت بعيدا عن خطر التفكك ، فإنها في بعض الحالات شكلت ويمكن
أن تشكل خطرا حقيقيا على الوحدة الترابية للدولة خاصة حين تتوافر الشروط
الفاعلة في ذلك ، فمتى يمكن أن تشكل الجهة خطرا على الوحدة الترابية ؟ وما هي
النماذج التاريخية الممكن اعتمادها للتدليل على صحة القول بأن الجهة قد تكون
البداية الحتمية للتفكك والانقسام ؟ ثم كيف تكون الجهة الحل الأنسب لأي مشكل
محلي يفترض في تطوره أن يهدد الوحدة الترابية للدولة ؟
في علاقة الجهة بالدولة يجب التمييز بين الجهة كمفهوم قانوني والجهة في مختلف
معانيها الأخرى الثقافي والجغرافي والديني واللغوي .. التي إذا ما حصل تطابق
وانسجام بين المعنى الأول ومعنى أو أكثر من المعاني الأخرى للجهة بأن يكون
الشكل القانوني للجهة انعكاسا لأحد أو أكثر من معانيها الأخرى المذكورة ، إما
استجابة من السلطة المركزية في الدولة لطلب السكان وضغطهم ، أو نتيجة لتطور
تاريخي ،سياسي واجتماعي معين ؛ يكون خطر التفكك مستبعدا ، في حدود التوافق
السياسي والدستوري بين مختلف الأطراف داخل الدولة. وطرح معطى التوافق حول شكل
معين للجهة سواء في أخذها بالاعتبار للمعطيات المحلية في مختلف أبعادها
الاقتصادية والجغرافية والثقافية هو" طرح لخطورة ما هو آت في إطار وقائي[14] ذلك
أن التجارب التاريخية لبعض الدول في موضوع الجهوية أثبت ضرورة الحذر في أي
محاولة للأخذ بالجهة كخيار لحساسيته على المستوى السياسي واحتمالات تداعياته
السلبية على الوحدة الترابية ، ولإمكانية إفرازه لحساسيات مضمرة في النسيج
الاجتماعي والثقافي للدولة ، وفي التجربة اليوغوسلافية ،إقليم تيمور الشرقية
في إندونيسيا والآفاق السياسية لإقليم كردستان العراقي ، وفي أي تجربة جهوية
أخرى انتهت بتمزيق الوحدة الترابية للدولة دليل واضح على مخاطر الجهوية على
الوحدة الترابية بغض النظر عن اختلاف الملابسات التاريخية والسياسية لكل تجربة
.فقد تعتمد الدولة " الجهوية " كأسلوب للتنظيم الإداري إلا أن وجود تعددية
معينة في الخصوصيات داخلها وغير معترف بها بشكل ديمقراطي ، أو وجود حاجيات
محلية بعيدة عن اهتمام السلطة المركزية في ظل حركة حقوقية محلية مطالبة بذلك ،
يجعل الشرعية الديمقراطية والقانونية للنظام السياسي للدولة في أزمة وبالتالي
الوحدة الترابية والمجتمعية عرضة لخطر الصراع والتفكك.
إلا أنه بالرغم مما ذكر فالوحدة الترابية مع تبني اللامركزية تبقى مهددة في
غياب التنمية المحلية ، ذلك أن تجزئ المجال وتلاشي الروابط الاجتماعية يمكنهما
أن يزدادا حدة في سياق يتميز بإكراهات كبيرة[15] تثقل كاهل المستقبل ، حيث
يمكن للفوارق بين المناطق والجماعات أن تضعف الوحدة الوطنية وتعمق الفقر
والإقصاء[16] خاصة إذا كان تبني خيار اللامركزية في إطار استراتيجية للدولة
[17] ، تروم تصدير الأزمة على المستوى المركزي إلى المستويات تحت دولتية من
أجل استمرار الهيمنة على المجال وإخضاع ساكنته كسياسة تعد من عمق مزاولة الحكم
لأسباب تاريخية وسياسية واجتماعية وثقافية معروفة[18] ، أو تروم استهداف تفكيك
وحدة أي تنظيمات موازية للدولة ترى فيها هذه الأخيرة مصدرا للمنافسة حول
السيادة على الأرض والإنسان ، كالقبيلة والزاوية مثلا وذلك عبر آلية التقسيم
الترابي للدولة إلى دوائر انتخابية غير متجانسة بما يؤدي إلى إضعاف أساليب
الاندماج السياسي واستمرار التوتر بين الدولة والمجتمع ، وعادة ما يكون هذا
التردي السياسي دافعا لإذكاء الولاء للهويات الماتحت وطنية [19] وبالتالي
الدخول في صراع ما بين الجماعات داخل الدولة فيما بينها حول السلطة والثروة ،
ما لم يطرح حل نهائي ومقبول من كل الأطراف لكيفية توزيع الثروة بين الدولة من
جهة والوحدات الإدارية أو السياسية ، أو الجماعات داخلها من جهة ثانية. ولعل
ما يشهده المغرب اليوم من تجربة طرح خيار الحكم الذاتي كحل لمشكل الصحراء[20]يعد
أحد الأمثلة البارزة لظاهرة الصراع حول توزيع السلطة والثروة داخل الدولة بين
مختلف مكوناتها الجغرافية والسكانية. فإلى أي مدى يمكن أن ينجح مبدأ الحكم
الذاتي في إنهاء معضلة الصحراء؟
* **الجهة وآفاق الوحدة الترابية *
لا جدال في أن الجهة أصبحت في وقتنا الراهن إطارا للوحدة والاستقرار كما هي
أساس احترام الاختلاف وضمان للتسيير الشأن العام المحلي بمستويات اقتصادية
وإنتاجية متباينة، وذلك بما يخدم ازدهار المواطنة كوحدة ونواة عضوية وانتشار
الحرية كفضاء للحياة والتنمية.
وإذا كانت التجربة الجهوية بالمغرب، قد عرفت تطورا عبر مراحل تاريخية متباينة
وفي سياقات سياسية واقتصادية هي الأخرى كذلك، فإن موضوع الجهة وعلاقتها بالحكم
الذاتي حظيت باهتمام كبير وعلى جميع المستويات، خاصة وأن التطورات الأخيرة
التي عرفتها قضية الصحراء مع إعلان عاهل المملكة عن منح الصحراويين حكما ذاتيا
يسمح لهم بتسيير شؤونهم المحلية، وهو بذلك يعطي دفعة جديدة ليس لقضية الصحراء
فحسب، بل لنمط من التنظيم الإداري المغربي وهو اللامركزية الإدارية وخصوصا
الجهة، على اعتبار أن العديد من المقترحات الأكاديمية تؤكد على اعتماد نظام
الجهوية السياسية باعتباره أساس تدعيم التنمية من خلال المشاريع التنموية
وكعلاج للفوارق الاجتماعية التي فاقت حدتها التصورات. على أن السؤال الذي يفرض
نفسه هنا هو كيف سيتم تنظيم هذا الحكم الذاتي وما هي طبيعة الاختصاصات
الممنوحة ؟
وعموما، تبقى المبادرة الملكية هي جريئة بحق، وتحمل بعد نظر في إطار المشروع
المجتمعي ليس المغربي فحسب، وإنما المغاربي، وهو ما يفرض تضافر الجهود لكلا
الجانبين، على أن الأساس في ذلك، والذي يجب أن نعيه جميعا هو أن هذا الخيار لا
يجب أن يتم التعامل معه من نظرة أو من زاوية سطحية، بمعنى أدق أي الرغبة
الداخلية في التنفيس عن مختلف المشاكل، وإنما يجب أن نتعامل معه بشكل جدي من
خلال أروقة الجامعات ومنطلقات عقول المثقفين والباحثين وليس دائما بإيعاز من
السلطة، إذا أردنا فعلا أن ننتج أو بالأحرى نهيئ وننظر نظام جهوي متميز تطبعه
خصوصية مغربية حقيقية. كما لا يجب أن نغفل عن التدخل المباشر أو غير المباشر
للاقتصاديات العالمية في المنطقة المغاربية خصوصا المغرب وموريطانيا والجزائر،
باعتبارهم يشكلون محورا حيا اقتصاديا واجتماعيا.
وجدير بالذكر أن مخاطر التفكك أو التفرقة التي يمكن أن تشكل العيب المحتمل
للجهوية الموسعة لا مجال له بالمغرب، ذلك أنه كما قال الملك الراحل مادام
الارتباط بين الجهة وملك البلاد قائم فلا خشية من أي تهديد للوحدة الوطنية، بل
أكثر من ذلك فإن العرش هو الضمانة المقدسة لاستمرارية الوحدة الوطنية مادام
المغرب بلدا إسلاميا، والمغاربة متشبثون برابطة البيعة و بالإسلام وتشبثهم
بالعرش لن يقل إيمانا، ولقد عودنا التاريخ عبر الأحقاب أن المغرب باختلاف
مناطقه وتنوع تقاليده وثقافته وطبيعته، فإنه ظل موحدا يتصدى لأي اعتداء خارجي
وهذا ما جعله يوقف زحف الأتراك على مشارف بوابته الشرقية، ويتصدى للعدوان
البرتغالي والإسباني باستماتة، ولم يكن للوجود الفرنسي أن يتواجد إلا تحت غطاء
معاهدة الحماية. فالخطوة الجريئة التي سيقدم عليها المغرب إذن ستمكنه من تعميق
اللامركزية وتوسيع دائرة الحكم المحلي ودمقرطة المؤسسات لفسح المجال أكثر
للمشاركة وإسهام المجتمع المدني في تحمل المسؤوليات ومواجهات تحديات القرن 21.
على إثر التطورات التي عرفتها كل من قضية الصحراء والمسألة الديمقراطية، هل
يمكن تأسيس ترابط بين هذين المعطيين؟ وهل يمكن القول بأن الديمقراطية المحلية
في معناها الواسع أي في إطار الحكم الذاتي سيهب ريحها من الجنوب؟[21]
وهذا يقودنا إلى التساؤل عن إمكانية استيعاب مشكلة الصحراء في سياق تطوير
الديمقراطية المحلية التي ترعى حقوق السكان المحليين؟ لاشك في أن الجهوية هي
أساس تدعيم التنمية المحلية.ومن المؤكد أن الجهوية المعمول بها حاليا وهي
جهوية وإدارية لا يمكن أن تشكل حلا لقضية الصحراء بل لا بد من تطوير الجهوية
الإدارية إلى جهوية متقدمة قادرة على الحفاظ على الوحدة الترابية للدولة[22]
.
يتطلب مشكل الصحراء الإسراع في تطبيق النظام الجهوي والخروج من النزعة القبلية
التي كانت سببا في تشديد المركزية من أجل الحفاظ على الوحدة الترابية من جهة
وفشل الاستفتاء الذي كان مقررا لحل هذا المشكل من جهة أخرى.
وقد أكد ذلك الملك محمد السادس في الرسالة التي وجهها إلى المشاركين في ندوة
"مغربية الصحراء في التراث التاريخي والأدبي" يوم الجمعة 20 إبريل 2001 التي
نظمت ب"تطوان" ما بين 20 و 22 أبريل 2001 حيث قال: "…إن الجهوية واللامركزية
في أوسع معانيها وتجلياتها الديمقراطية في إطار الإجماع والسيادة والوحدة
الترابية للمملكة تعد أحسن خيار وأقوم سبيل لتجاوز النزاع المفتعل حول مغربية
الصحراء[23].
وأضاف جلالته أن المسار الديمقراطي الجهوي الذي نرعاه بكل حزم وعزم وإخلاص،
يمكن المواطنين المغاربة ولا سيما أبناءنا في الصحراء، في معالجة قضاياهم
وإدارة شؤونهم من موقع حاجياتهم ضمن منظور شكل فيه اللامركزية الجهوية ضرورة
وطنية ومطلبا ديمقراطيا يستهدفان تفعيل كل الطاقات والموارد البشرية محليا
وجهويا وإقليميا، معتقدين بأن التنوع هو الذي يغني الوحدة الوطنية ويدعمها،
فليست الديمقراطية مجرد تجسيد للمساواة في ظل دولة الحق والقانون، وإنما لا بد
لها أيضا من عمق ثقافي يتجسد في احترام الخصوصيات الجهوية وإعطاءها الفضاء
الملائم للاستمرار والإبداع وإثبات الهوية [24] .
وبمناسبة الذكرى 28 لانطلاق المسيرة الخضراء أعلن الملك محمد السادس عن عزم
المغرب إعطاء مختلف جهات المملكة تناسقا أقوى بحيث يكون لكل جهة شخصيتها
المتميزة في ظل مغرب موحد غني بتنوع مكوناته الإقليمية. وقال إنه سيجعل من
الجهوية واللامركزية وعدم التمركز وديمقراطية المشاركة والقرب "مشروعا
إستراتيجيا" ولا سيما في الأقاليم الجنوبية، ووصف النزاع في الصحراء بأنه
"مفتعل" و"مشكلة مصطنعة ولا علاقة لها بتصفية الاستعمار[25] .
وقد جاء الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى 33 لانطلاق المسيرة الخضراء
المظفرة حاملا لمشروع جهوية موسعة تندرج ضمن البناء الديمقراطي الحداثي للمغرب
و النهوض بمسلسل التنمية الجهوية للبلاد في إطار الحكامة الجيدة والديمقراطية
المحلية،يقول جلالة الملك محمد السادس نصره الله في هذا الإطار:
" لذلك قررنا, بعون الله, فتح صفحة جديدة في نهج الإصلاحات المتواصلة الشاملة
التي نقودها , بإطلاق مسار جهوية متقدمة ومتدرجة, تشمل كل مناطق المملكة, وفي
مقدمتها جهة الصحراء المغربية, مؤكدين عزمنا الراسخ على تمكين كافة ساكنتها
وأبنائها من التدبير الديمقراطي لشؤونهم المحلية ضمن مغرب موحد, سواء بإقامة
جهوية واسعة وملائمة, وذلك طبقا لإرادتنا الوطنية, أو من خلال الحكم الذاتي
المقترح متى تم التوافق السياسي بشأنه واعتماده كحل نهائي, من طرف المنتظم
الأممي.
شعبي العزيز, ......فطموحنا الكبير من هذا الورش الواعد هو ترسيخ
الحكامة المحلية الجيدة وتعزيز القرب من المواطن وتفعيل التنمية الجهوية
المندمجة, الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ولبلوغ هذه الأهداف, فإن هذا
الإصلاح يجب أن يقوم على مرتكزات الوحدة والتوازن, والتضامن. فأما الوحدة,
فتشمل وحدة الدولة والوطن والتراب, التي لا يمكن لأي جهوية أن تتم إلا في
نطاقها. وأما التوازن, فينبغي أن يقوم على تحديد الاختصاصات الحصرية المنوطة
بالدولة مع تمكين المؤسسات الجهوية من الصلاحيات الضرورية للنهوض بمهامها
التنموية, في مراعاة لمستلزمات العقلنة والانسجام والتكامل. ويظل التضامن
الوطني حجر الزاوية, في الجهوية المتقدمة, إذ أن تحويل الاختصاصات للجهة يقترن
بتوفير موارد مالية عامة وذاتية. كما أن نجاح الجهوية رهين باعتماد تقسيم ناجع
يتوخى قيام مناطق متكاملة اقتصاديا وجغرافيا ومنسجمة اجتماعيا وثقافيا. وعلى
غرار نهجنا في تدبير القضايا الكبرى للأمة".
هذا وإذا كان الحكم الذاتي المتطور في إطار اللامركزية الجهوية
والوحدة الوطنية، اختيار ملكي مفاده أن المغرب مستعد للتفاوض في كل شيء ماعدا
الطابع البريدي والعلم المغربي. بمعنى الطرح الملكي جاء مستوف لسياسة جهوية
عصرية ليس لها حدود ما عدا تلك التي تمس بالسيادة التي يرمز إليها الطابع
البريدي وعلم البلاد، وكل ذلك يهف حسب اعتقادنا إلى إقناع الطرفين بشيئين
اثنين: [26]
1- طرح فكرة الإدماج والتخلص من مخلفات الحرب الباردة، دون المساس بالسيادة
الوطنية.
2- فتح مجال للعيش في استقرار، إذا كان الهدف من هذا الملف الشائك هو كذلك،
وتحقيق ذلك في إطار الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، سواء بالنسبة لمنطقة
الصحراء أو باقي مناطق المغرب[27] .
إن الإستراتيجية الأساسية للمغرب في تكريس وحدته الترابية تكمن في تطوير
مشروعه الديمقراطي المرتكز على الجهوية، فهذه الأخيرة لا ينبغي أن تبقى مجرد
نصوص بل لابد من تفعيلها على أرض الواقع من خلال تمكين الصحراويين، وكذلك باقي
سكان المغرب من أجهزة تمثيلية ذات اختصاصات فعلية وإمكانات مالية تسمح لها
بالتدبير المحلي الفعلي انطلاقا من الخصوصيات التي تتمتع بها وكذلك إدماج كافة
مكوناتها بعيدا عن الهاجس الأمني المحض الذي تحكم في تدبيرها طيلة السنوات
الماضية[28] .
وقد جاء الخطاب الملكي السامي ليوم الأحد 3 يناير 2010 بمناسبة تنصيب
اللجنة الاستشارية للجهوية حاملا لمشروع جهوية موسعة تندرج ضمن البناء
الديمقراطي الحداثي للمغرب و النهوض بمسلسل التنمية الجهوية للبلاد في إطار
الحكامة الجيدة والديمقراطية المخلية،يقول جلالة الملك في هذا الإطار:
"..ومن هذا المنظور، فإن الجهوية الموسعة المنشودة، يقول جلالة الملك،
ليست مجرد إجراء تقني أو إداري، بل توجها حاسما لتطوير وتحديث هياكل الدولة،
والنهوض بالتنمية المندمجة. ….وإننا ننتظر من هذه اللجنة، إعداد تصور عام،
لنموذج وطني لجهوية متقدمة، تشمل كل جهات المملكة; على أن ترفعه لسامي نظرنا
في نهاية شهر يونيو القادم.
هذا وقد حدد صاحب الجلالة الملك محمد السادس مرتكزات الإصلاح الجهوي
المستقبلي في أربعة محاور رئيسية:
أولا : التشبث بمقدسات الأمة وثوابتها، في وحدة الدولة والوطن والتراب،
التي نحن لها ضامنون، وعلى صيانتها مؤتمنون. فالجهوية الموسعة، يجب أن تكون
تأكيدا ديمقراطيا للتميز المغربي، الغني بتنوع روافده الثقافية والمجالية،
المنصهرة في هوية وطنية موحدة.
"ثانيا : الالتزام بالتضامن. إذ لا ينبغي اختزال الجهوية في مجرد توزيع جديد
للسلطات، بين المركز والجهات. فالتنمية الجهوية لن تكون متكافئة وذات طابع
وطني، إلا إذا قامت على تلازم استثمار كل جهة لمؤهلاتها، على الوجه الأمثل، مع
إيجاد آليات ناجعة للتضامن، المجسد للتكامل والتلاحم بين المناطق، في مغرب
موحد"
"ثالثا : اعتماد التناسق والتوازن في الصلاحيات والإمكانات، وتفادي
تداخل الاختصاصات أو تضاربها، بين مختلف الجماعات المحلية والسلطات والمؤسسات.
رابعا : انتهاج اللاتمركز الواسع، الذي لن تستقيم الجهوية بدون تفعيله،
في نطاق حكامة ترابية ناجعة، قائمة على التناسق والتفاعل."
لقد دخل المغرب مرحلة جديدة من المواجهة مع خصوم وحدتنا الترابية، نعرف
جيداً أنها
مرحلة الحسم والفصل،ونحن أشدّ ما يكون تصميماً على الثبات والصمود أمام
مؤامرات الشوط الأخير من المعركة ، وفي وجه الصعاب والعراقيل التي تواجهنا من
جراء إصرار الجزائر على عدم الانصياع للحقائق على الأرض،والإذعان لمنطق
السياسة الدولية التي باتت تتفهم القضية وتتجاوب،بطريقة أو بأخرى، مع الطرح
المغربي الذي رأت فيه نزوعاً نحو السلم، ورغبة أكيدة وصادقة في تسوية الموضوع
بصفة نهائية، دون إخلال بحق من الحقوق، أو فرض هيمنة على طرف من الأطراف.
وخلاصة القول، يبقى الحكم الذاتي أو الجهوية المتقدمة منطلقا حقيقيا ورافعة
أكيدة للتنمية الاقتصادية والتكافل الاجتماعي وضمانا للخصوصية الثقافية
المحلية التي بدأت تفرض نفسها ببحث الجماعات عن خصوصياتها كآخر مكسب لهؤلاء في
مواجهة نسيج العولمة. كما أنها تشكل تحديثا سياسيا بكل المعايير[29].
ثانيا: الجهوية المتقدمة خيار استراتيجي لتحقيق التنمية
موضوع السياسة الجهوية والتنمية المحلية أضحى يحظى باهتمام خاص من قبل
السلطات العمومية والرأي العام الوطني وذلك لارتباط الموضوع بشكل مباشر
بالسكان وبحاجياتهم اليومية ، وارتباطه بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية بشكل
عام وببعدها المجالي بشكل خاص .
*1**-** الجهة كأفق اقتصادي:[30]*
ولقد تمت بلورة هذا الاهتمام في جميع الاستراتيجيات والسياسات التنموية التي
تم اعتمادها في إطار المخططات التنموية الوطنية، وهكذا فإن الموضوع أصبح
يستقطب اهتماما متزايدا ليس فقط بالمغرب بل بمختلف بقاع العالم كإطار ملائم
لبلورة استراتيجية بديلة للتنمية المجالية .ويظهر هذا الاهتمام بجلاء من خلال
الخطب السياسيــــة والتحاليل الأكاديمية ، التي تشيد بالدور الذي يمكن أن
تلعبه هذه السياسة التي ستعمل مستقبلا على فتح مجموعة من الأوراش التي من
شأنها تحقيق التنمية المنشودة .
ولقد كانت لسياسة المخططات التي نهجها المغرب دورا كبيرا في إعطاء السياسة
الجهوية عناية فائقة ،وخاصة من خلال الخطابات الرسمية ،إذ أولاها الملك الراحل
الحسن الثاني اهتماما بالغا وخاصة من خلال (خطابه ليوم 24أكتوبر 1984 الذي
أوضح من خلاله الخطوط العريضة للإصلاح الجهوي،وتوجيهاته من خلال خطابه عند
افتتاح الدورة الثانية من السنة التشريعية الرابعة في 8 أبريل 1988، حيث
قال : " ليس منا من يجهل ما نوليه للسياسة الجهوية من أهمية في جميع المجالات
،وسنغتنم فرصة تخلي الدولة عن بعض مؤسساتها العامة لنمضي في هذه السياسـة قدما
إلى الأمام …، وقد أضاف رحمه الله قي رسالة ملكية وجهها إلى المؤتمر الدولي
الواحد والعشرين للعلوم الإدارية بتاريخ 24يوليوز 1989بقوله "…ولهذا نعتقد
جازمين أن نجاح مسلسل اللامركزية الجهوية رهين بعملية التخطيط الذي يعد أداة
أساسية لا محيد عنها في إطار منظور يشمل ثلاث عناصر هي الإنسان والمكان
والأنشطة الإنتاجية …".
هذا إلى جانب سياسة التخطيط هناك سياسة إعداد التراب الوطني التي تعتبر
التنمية الجهوية مظهرا من مظاهرها،وذلك من خلال ترابط مدلول التنمية الجهوية
بإعداد التراب الوطني الذي يعتبر شرطا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية 1، إذ
لا يمكن وضع أي مخطط للنهوض بجهة ما دون الأخذ بعين الاعتبار مدى ملاءمته
للاختيارات
الوطنية الكبرى التي تجسدها سياسة إعداد التراب الوطني.
فرغم أن التوجه العام لدى الدول في تعاطيها مع تدبير الشؤون المحلية من أجل
تحقيق التنمية هو اعتماد أسلوب الحكامة ، القائم على مبادئ كبرى يعد مبدأ
المقاربة الترابية 3 أبرزها ،وهي مقاربة تفرض نفسها لثلاثة أسباب أولها، أن
التراب يشكل المستوى الذي يمكننا من تقدير أو تقييم التبادلات بين المادة
والمعلومة وبين المجتمعات ومحيطها ، ثانيها أن كل العناصر التي تبدو نظرية
ومجردة على المستوى المركزي (..) تصبح على المستوى المحلي أشياء محسوسة
وملموسة وقابلة للجس ، وثالثها أن التراب يمثل الوعاء الملائم لتحديد فلسفة
عامة للحكامة وتقويتها في الحدود الخاصة بكل تقليد من التقاليد المجتمعية(4) و
هو ما يعني أن الجهة كوحدة تقريرية ذات صلاحيات واسعة بغض النظر عن كونها في
إطار لامركزية إدارية أو لامركزية سياسية _ رغم وضوح اختلاف مستويات
الديمقراطية المحلية في كل منهما_ هي الحل الأنسب لتحقيق التنمية المحلية من
جهة والحفاظ على الوحدة الترابية للدولة من جهة أخرى .
*2*-*التضامن المجالي آلية لتحقيق التنمية الجهوية*
ويشكل التضامن أحد الركائز الأساسية للجهوية الموسعة المرتقب إذ لا ينبغي
اختزال الجهوية في مجرد توزيع جديد للسلطات، بين المركز والجهات. فالتنمية
الجهوية لن تكون متكافئة وذات طابع وطني، إلا إذا قامت على تلازم استثمار كل
جهة لمؤهلاتها، على الوجه الأمثل، مع إيجاد آليات ناجعة للتضامن، المجسد
للتكامل والتلاحم بين المناطق، في مغرب موحد".
والتضامن هو الصفة أو السلوك الذي يجذب الأعضاء المكونين لمشروع بعضهم إلى بعض
بتلقائية وحرية متعاضدين ومتعاونين لمواجهة ما يلاقونه من مشاكل وعوائق يصعب
تخطيها بصفة فردية، وهذا السلوك هو سلوك اجتماعي نابع من غريزة الاجتماع لدى
الإنسان.
والتضامن هو ترجمة لسياسة إعداد التراب الوطني، التي ليست تقنية فقط وإنما هي
سياسة الهدف منها الوصول إلى توزيع متوازن للنشاطات الاقتصادية والاجتماعية،
بحيث ينتفع منها على حد سواء سكان المدن والقرى والعامل والفلاح وسكان جهة
وجهات أخرى، مما يكرس شكلا جديدا من الديمقراطية "الديمقراطية الترابية-
Démocratie
territoriale " كما سماها J.F.Poncet والتي ترتكز أساسا على فكرة أن المواطن
والمجموعة البشرية التي ينتمي إليها يجب أن يجد في هذا المجال الذي يحيط به
إمكانية أن يلبي حاجيات أساسية تسمح له بالعيش المستقر[31].
من هنا، ألا يحق لنا أن نتساءل مع J.F.Poncet عن ما إذا كانت "الديمقراطية
الترابية" التي أتى بها تدعو إلى الاعتراف بحق جديد هو "الحق في إعداد
التراب"، وبالتالي إلزام الجماعات العمومية وعلى رأسها الدولة بإقامة سياسات
لتحقيق تنظيم مجالي مناسب لهذا الإلحاح، تسمح للفرد بأن ينعم بحياة مستقرة في
المكان الذي اختار الاستقرار و العيش فيه. وإذا أردنا أن لا نذهب بعيدا في
الاعتراف بالحق في إعداد التراب، فإننا نؤكد على ضرورة إقامة سياسات تنظيمية
مجالية، فالمعطيات الحديثة حول إحساس السكان تؤكد على أن مناطق بأكملها من
التراب الوطني ترزح في التخلف ولا يتعلق الأمر فقط بمناطق قروية، بل تمس كذلك
مناطق حضرية، فالولوج إلى التجهيزات والمرافق الجماعية أصبحت أكثر صعوبة،هذا
إن وجدت، وإذا تعلق الأمر بالولوجيات الاقتصادية فتمس حتى الجانب الحضري من
السكان في الاستفادة من الخدمات الأساسية[32].
ويشكل التضامن قيمة مركزية أساسية في صلب المجتمع المغربي،عمل على ترسيخها
انتماؤه لمنظومة عقائدية وتاريخية وحضارية تدعم التلاحم الاجتماعي والتعاضد
بين جميع عناصر النسق الاجتماعي لمقاربة مشاكلهم الاجتماعية والاقتصادية
والتدبيرية... وإذا كان العمل التضامني في السابق قد اتخذ أشكالا تقليدية،فإنه
اليوم ومن خلال تدخلات الدولة في هذا المجال،قد اكتسى أشكالا أكثر رشدا أو
عقلانية رغم محدوديتها[33]
ويعني هذا المبدأ إحقاق التضامن والمساواة فيما بين الجهات فيما يخص توزيع
الموارد، بهدف تكريس المساواة بينها أمام إمكانيات ووسائل تحقيق التنمية
الاقتصادية والاجتماعية[34].
فلا أحد اليوم يمكن أن يقبل بجزء هام من التراب الوطني يهمل في التخلف، لأن
هذا يزكي أن هؤلاء مواطنين من الدرجة الثانية. فقد تبين فعلا أن النمو لم يكن
مرادفا بالضرورة للتطور طالما أن توزيع ثمار هذا النمو لا يستفيد من جميع
المواطنين، إذ بإمكانه أن يولد تفاوتات اجتماعية خطيرة تؤدي إلى اتساع دائرة
الفقر والإقصاء. فبالرغم من تحسن المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، فإن
السياسات التنموية والإصلاحات البنيوية المتخذة من طرف بلدنا في السنوات
الأخيرة، لم تحد من تزايد التفاوتات واللامساواة الاجتماعية، فالفوارق
السوسيواقتصادية بين وداخل الجهات واللاتوازن المجالي الكبير مؤشر عن مجتمع
يتحرك بسرعات متعددة ومهدد في تماسكه الداخلي[35].
إن التنظيم العقلاني للمجال يحتم خلق شروط الانتفاع من المساواة في الحظوظ
وتوزيع الموارد المتاحة بتضامن لترجمة شعار شعب واحد لوطن واحد، هذا الشعار
الذي على السلطات العمومية أن لا تتجاهله عندما تطرح مشاكل اقتصادية واجتماعية
ومالية التي يجب حلها لإعطاء معنى حقيقي للتضامن[36].
وسياسة ضبط المجال ومراقبة سكانه كانتا في المغرب، عبر مختلف مراحل تطوره،
قاعدة السياسة العامة. اذ شكلت هاجس يؤرق أنظمة الحكم التي تعاقبت عليه لدرجة
أصبحت المسألة الترابية حجز الزاوية في كل تدخلاتها، إلى حد أصبح العامل
السياسي والأمني هو المتحكم في المقاربة الترابية بالمغرب.
إذن، فالتقسيم الترابي هو وسيلة بيد الدولة لضبط وثيرة التنمية وضبط
المجتمع السياسي، وربط السكان بإستراتيجية الإنتاج، وأداة لإعادة هيكلة
المجتمع حسب التناقضات والضغوط الظرفية، بإدماج شرائح اجتماعية جديدة في
المنظومة السياسية والإدارية للدولة. ومنه يظهر أن هناك اختلافا وتفاوتا بين
الجهات التي أفرزها هذا التقسيم، سواء من حيث المساحة وعدد السكان أو من حيث
البنيات أو التجهيزات التحتية، أو حتى من حيث الإمكانيات الطبيعية التي تتوفر
عليها كل جهة.
والسؤال المطروح هنا هو إلى أي حد عمل قانون الجهة رقم 96-47 على وضع الجهة
كوحدة ترابية في الإقلاع الاقتصادي والاجتماعي والمحلي؟ وماهي الإكراهات
والمشاكل التي تعترض الممارسة الجهوية ؟ ثم ماهي آليات وميكانزمات تطوير
استراتيجية التنمية الجهوية في أفق الجهوية السياسية أو الموسعة بالمغرب التي
تحدت عنها الخطاب الملكي في ثلاثة مناسبات الأولى في خطاب المسيرة الخضراء
الذكرى 33 بتاريخ 6 نونبر 2008 الذي أشار فيه على أن مقترح الحكم الذاتي في
الصحراء سيدفع نحو ما اسماه الخطاب الملكي"نهج الإصلاحات المتواصلة الشاملة
عبر إطلاق مسار جهوية متقدمة ومتدرجة تشمل كل مناطق المملكة" .هذا اضافة إلى
الخطاب الثاني للذكرى ال 34 للمسيرة الخضراء 06 نونبر 2009 وأوضح الملك ، أن
هذا المخطط يقوم على خمس توجهات أولها الحرص على أن تكون الأقاليم الصحراوية
في صدارة الجهوية المتقدمة المنشودة بما يعزز تدبيرها الذاتي لشؤونها المحلية.
ولعل المحطة الثالثة تركزت في الخطاب الملكي الأخير 03 يناير2010 الذي بموجبه
ثم تنصيب لجنة استشارية للجهوية تؤسس لجهوية متقدمة ذات جوهر ديمقراطي وتوجه
تنموي. وترتكز هذه الجهوية المنشودة على وحدة الدولة والوطن والتراب،
والالتزام بالتضامن الفعلي، من خلال إيجاد آليات ناجعة تعكس التكامل والتلاحم
بين المناطق، واعتماد التناسق والتوازن في توزيع الصلاحيات والإمكانات بين
مختلف الجماعات المحلية والسلطات والمؤسسات، على انتهاج اللاتمركز الواسع، في
نطاق حكامة ترابية ناجعة، قائمة على التناسق والتفاعل.
إن أهم معوقات الممارسة، تعثر مسلسل إعتماد الجهوية، كخيار دستوري، وتردد
الدولة في تعميق اللامركزية وترسيخها بشكل يمكن المواطنين من تسيير شؤونهم
المحلية والإقليمية والجهوية، ومن أبرز خصوصيات الجهات في إطار الوحدة الوطنية
للبلاد، هو ما يقتضي مراجعة صلاحيات الولاة والعمال .
إن أزمة الجهوية في المغرب تعكسها هيمنة المقاربة الأمنية –السياسية المركزية
على حساب البعد التنموي الجهوي، والتي تعطي لسلطات الوصاية المعينة
(العامل-الوالي ..)حاكما حقيقيا على المستوى الجهوي، ومن تم تبقى المجالس
المحلية المنتخبة دورا صوريا وإستشاريا في تحقيق التنمية المحلية[37].
إن المقاربة المستقبلية لبناء تنظيم جهوي جديد يجب أن تعمل على إدماج الأبعاد
السوسيوثقافية والمجالية والتاريخية والمتغيرات الجيواستراتيجية والسياسية
والمجتمعية وكذا الديناميات الوطنية والجهوية والعالمية في إطار منظور شمولي
للتنمية. وفي هذا الصدد، هناك تحديان أساسيان يطرحان بالنسبة لمقاربة بناء
جهوي جديد بالمغرب في المستقبل: [38]
-التحدي الأول يتعلق بضمان التناغم والتناسق الإيجابي ما بين متطلبات
الاستقلالية الجهوية وما بين ضرورات السيادة الوطنية و الوحدة الترابية. وفي
هذا الإطار، تعتبر المقاربة المعتمدة المتميزة بطبيعتها التعددية أن التنظيمات
الجهوية والمحلية لا تختار أبدا المركزية المفرطة والخانقة أو اللامركزية
الشاملة والكاملة ، ذلك أن هذه التنظيمات تعيش وتنمو في إطار جدلية مسلسل
تتحكم فيه المركزية الدولتية واللامركزية الترابية والمقاربات «من الفوق»
والمقاربات «من الأسفل».
ومن هذا المنطلق، فإن جل التجارب الخاصة بالبناء الجهوي والمحلي يجب أن تتغلب
على تناقض كبير مرتبط بجدلية المركزية واللامركزية، ذلك أن ضرورة الإصلاح يتم
التعبير عنها في القاعدة من طرف الجماعات الترابية على شكل حاجة للاستقلالية،
بيد أن تحقيق هذا الهدف لن يتسنى بلوغه إلا برضى وتحت مراقبة الحكومة
المركزية. فبالنسبة للدول الأحادية، لا تعني الاستقلالية الجهوية الاستقلال
التام، بقدر ما تعني الاضطلاع بسلطات موسعة للقرار في إطار احترام متطلبات
الوحدة الوطنية والترابية.
-التحدي الثاني يهم ضرورة الإدماج العميق والذكي للمقاربات الجيواستراتيجية
والمقاربات السياسية والمقاربات السوسيواقتصادية داخل مجال ترابي وطني
موحد.وعلى هذا المستوى، يجب الإشارة إلى أن إشكالية إقرار بناء جهوي جديد قابل
للإنجاز تطرح بشكل سياسي بالنسبة لدولة مركزية، غير أنه لا يمكن في إطار هذه
الإشكالية المعقدة أن يكون للبعد السياسي الأولوية المطلقة، ذلك أن الطبيعة
الاقتصادية الواضحة للجهة تجعل من النموذج الاقتصادي(paradigme économique)
العمود الفقري للبناء الجهوي المستقبلي.بحيث أن الجهات التي لا تتوفر على
مؤهلات طبيعية وبشرية ولا على إمكانيات داخلية للتنمية ولا على سلطات جهوية
راعية لمشروع جهوي مندمج في الاختيارات الوطنية وقابل للإنجاز في إطار
استراتيجيات وبرامج تنموية، هي جهات محكوم عليها مسبقا بالفشل لكونها لا
مستقبل سياسي واقتصادي لها.
لذا يجب التأكيد عل أن أسس مقاربة مستقبلية لبناء جهوي جديد بالمغرب يجب أن
ترتكز على تخصصات متعددة وأن تعمل على إدماج الأبعاد الوظيفية والقطاعية
والديناميات الترابية، وعلى التوفيق ما بين مستويات من الاستقلالية يفرضها
التنوع الجهوي والخصوصيات السوسيو ثقافية والتاريخية وما بين متطلبات احترام
السيادة الوطنية والوحدة الترابية، وعلى تناغم المركزية واللامركزية في إطار
ديموقراطية تشاركية وكذا الوعي بالرهانات التي تربط البعد الجهوي والأبعاد
المحلية والوطنية والدولية[39]. لذلك فإننا مدعون اليوم لإبداع شكل يأخذ بعدا
سياسيا ومؤسسيا وفق منظور جديد للامركزية يروم عددا من الأهداف نذكر منها:
- اعتماد أحد الأساليب الحديثة في الحكامة الرشيدة والممارسة
الديمقراطية التي تأخذ بعين الاعتبار اختلاف المقومات الثقافية والاجتماعية
داخل الدولة الواحدة. فهناك جهات لها بعد تاريخي يميزها عن باقي المناطق
الأخرى، وبالتالي لها ثقافتها ونمطها المتميز والخاص بها، بحيث أن منطق
الديمقراطية يقض بالاعتراف بها كيان، وبحقوقها السياسية والاجتماعية
والاقتصادية والثقافية. وهكذا يتم استيعاب التعددية الثقافية والخصوصيات
المحلية ضمن منظور شمولي متكامل[40].
- التخفيف من حدة البيروقراطية والمركزية التي تعتبر من أكبر معوقات
التنمية المستديمة والمتوازنة محليا ووطنيا.إضافة إلى أن الطابع العمودي الذي
يطبع مقاربتنا اليوم لمختلف القطاعات التنموية عائق من عوائق الانطلاق
والتعبئة. وستمكن الجهوية الموسعة من تنمية مندمجة، تنسجم فيها مختلف القطاعات
في الوحدة الترابية وتمنع من الاستمرار في إهدار جزء هام من الطاقات البشرية
والمادية.
*الزيادة في تعبئة سكان المنطقة أو الجهة المعنية وفي حماسهم للعمل لجهتهم
ولبلدهم بسبب توسيع مشاركتهم في تدبير شؤونهم بواسطة هيآت منتخبة بطريقة
ديمقراطية، وتكون مسؤولة عن قراراتها سياسيا وأخلاقيا أمام المجتمع المحلي،
وبذلك تنبع التنمية من القاعدة، وتتحول الجهة إلى شريك كامل فيها.
- تمكين الجهات من التمتع بثمار جهودها التنموية بدل أن يتم تحويل خيراتها
بسبب آليات جذب المناطق القوية إلى جهات أخرى، وبقدر ما تكون الفوارق الجهوية
كبيرة، بقدر ما تزداد الحاجة إلى تمتيع الجهات، وخصوصا منها الضعيفة
باستقلالية واختصاصات واسعة لإبداع الحلول الخاصة وتعبئة الطاقات البشرية
والمادية.
التنمية المحلية يجب أن تستهدف الانسان، و لا معنى لهذل الاستهداف إذا لم يكن
مقصده الأساسي و الجوهري هو رفع المستوى المعيشي بالقدر الذي يمكن الانسان من
الانتفاع العادل من ثروات و خيرات الاقليم و الجهة و الوطن، هذا من جهة، و من
جهة أخرى لا يمكن الحديث عن الجهوية في وقت لازال فيه المركز يقرر في كل شيء
و في القضايا المرتبطة خلافا لما يقال و يتم الترويج إليه.فلا وجود لجهوية
بدون بدون وجود إدارة محلية تضطلع بالتخطيط و التفكير للتنمية الجهوية و
المحلية و تكون هي المسؤولة على تنفيذها. فلازلنا بالمغرب،في هذا المجال،
نعاني من معوقات أساسية، منها عدم وجود إدارة مستقلة منتجة و مازال المنطق
المركزي مسيطرا على العمل الجهوي، بل مازلنا نعاني على أرض الواقع من غياب عمل
و ممارسة جهويين و من غياب التواصل و التنسيق بين الإدارة و المؤسسات العمومية
على صعيد الجهة أو الإقليم. و اعتبارا لهذه المعوقات، فإن الاعتراف الدستوري
بوجود الجهة يظل فارغا من محتواه.
*3*-* **آفاق التنمية المحلية على ضوء الجهوية الموسعة بالمغرب *
إن الظروف الداخلية والخارجية التي يعرفها المغرب تستلزم إيجاد أساليب حديثة
كفيلة بخلق إقلاع تنموي شامل وهو أمر يحتاج إلى إعطاء مكانة أكبر للامركزية و
الدموقراطية المحلية بغية بلوغ الأهداف المسطرة وهو ما سيأتي من خلال إصلاح
جوهري للنظام الجهوي بالمغرب وذلك بتمكينه من أدوات وإمكانات تخوله النجاعة في
تدخلاته الاقتصادية والاجتماعية.
وهو ما لن يتم إلا بوضع استراتيجية شمولية لهذا النظام الجهوي تهم إصلاحات عدة
:
* **على المستوى السياسي الدستوري : *
بداية ينبغي الإقرار دستوريا بالجهوية السياسية كضمانة لإعطاء الجهة المكانة
اللائقة في النظام السياسي المغربي[41] مع التقليص دستوريا من صلاحيات العمال
وتقوية سلطات المجالس الجهوية ومراجعة مستوى تمثيلها في الغرفة الثانية، هذا
إلى جانب التنصيص الدستوري على جهات مقسمة تقسيما معقلنا منبني على معطيات
جغرافية وثقافية واجتماعية وتنموية على غرار الجهات الثلاث البلجيكية. وإضافة
إلى ذلك لابد من تحديد اختصاصات الجهة وطريقة انتخابها وذلك بإقرار انتخابات
مباشرة بدل الانتخابات غير المباشرة.[42]
كما ينبغي التأكيد على ضرورة تأهيل النخبة المحلية[43] من خلال تأطير الأحزاب
السياسية لها وكذلك من خلال تكوين المنتخبين وجعل رئيس المجلس الجهوي ينتخب
انتخابا مباشرا بحيث يصبح آمرا بالصرف وساهرا على تنفيذ قرارات المجلس بدل
الوالي الذي يضطلع بلكل الصلاحيات في حين يكتفي الرئيس بالتوقيع بالعطف.
* **على المستوى القانوني التنظيمي : *
ينبغي تحديد إطار عمل المندوبيات ومنح التفويض لرؤساء المصالح الخارجية في
البث والتقرير بغية ضمان سرعة الإنجاز ناهيك عن تعزيز صلاحيات الجهة ومراجعة
أمر الوصاية عليها مع تفعيل دور اللجان خاصة اللجنة الاقتصادية والاجتماعية.
كما لا يفوتنا الحث على ضرورة توفير مراصد جهوية للتعرف على معدلات الشغل
والتنمية مع التنصيص قانونا على نشر المعطيات التي تتوصل إليها لما لذلك من
أهمية بالغة سواء في وضع خطط التنمية الجهوية أو في إغناء البحث العلمي.
هذا ويجب التأكيد على وجوب الضبط العقاري ومعرفة الملك الجماعي لأن من شأن ذلك
توفير موارد مالية قارة للجهة ولباقي الجماعات المحلية الأخرى.[44]
* **على المستوى الإداري البشري : *
لابد من التأكيد على تحديث أساليب الإدارة واعتماد نهج تدبيري عصري،[45] وتوفير
أجهزة إدارية ومالية مستقلة تابعة للرئيس وذلك بغية ضمان جودة التدبير الجهوي
وهو ما لن يتم إلا بإصلاح الوظيفة المحلية وذلك باتخاذ عدة إجراءات نذكر منها
جعل الترقية تتم وفق معايير موضوعية لتحفيز الموظف الجهوي كما ينبغي التحكم في
الموارد البشرية من خلال نهج سياسة تكوين ناجعة تقوم على التكوين وإعادة
التكوين.
* **على المستوى المالي والاقتصادي : *
يجب دعم اللامركزية المالية وذلك من خلال اتخاذ مجموعة من الإجراءات يبقى
أهمها تمكين الجهة من موارد مالية قارة خاصة من خلال إحداث نظام جبائي جهوي
رصين[46] مع تمكين الجهة من الحصول على قروض إضافة إلى تعزيز المكانة
القانونية لرقابة المجالس الجهوية للحسابات.
هذا إلى جانب العمل على خلق مناطق صناعية ومساهمة الجهة في شركات الاقتصاد
المختلط التي تخص مصلحة الجهة أو مصلحة بين جهوية مع اتخاذ تدابير فعالة لخلق
مناصب الشغل وتعميم تجربة المراكز الجهوية التي توجد في إطار Action
Entreprendre لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل والتي تعمل على تكوين ودعم
إحداث المقاولة لكي تهم جميع الجهات وليس فقط الخمس الموجودة حاليا لأنها تعد
من أهم الوسائل الفعلية لتطوير روح المقاولة، كما لا يفوتنا التنويه بالدور
المهم الذي تلعبه المراكز الجهوية للاستثمار في تبسيط الإجراءات وتشجيع
المقاولين من خلال نظام الشباكين.
إلى جانب كل هذا ينبغي تفعيل بعض التوصيات التي جاء بها تقرير البنك الدولي
1995 وكذا توصيات المناظرات الوطنية ومنها :
العمل على إعطاء المزيد من الاستقلال الذاتي والمزيد من المسؤولية
للمدبرين المحليين بغية تطوير عملية اللامركزية.
العمل على خلق مقاربة تشاركية في إطار الحكامة وذلك من خلال :
جعل الجامعة شريكا استراتيجيا للجهة خاصة إذا ما أصبح رئيس الجامعة عضوا داخل
مجلس الجهة مع التركيز على دور الجامعة في تكوين المنتخبين.
خلق جو للتعاون بين القطاع الخاص والمجتمع المدني في أفق خلق حكامة محلية كما
جاء في مذكرة 21.
استعمال التكنولوجيا ووسائل التسيير العصرية وتطوير التواصل محليا
ووطنيا ودوليا.
المحافظة على الموروث الثقافي والإرث الحضاري.
بلورة مخطط اقتصادي واجتماعي للجهة ومخطط جهوي لإعداد التراب والتعمير من
خلال منظور تشاركي توافقي.
هذه بعض البدائل التي تلوح في أفق تطوير الجهوية بالمغرب باعتبارها رهانا
وخيارا استراتيجيا من شأن تفعيله والسير به قدما أن يحق للمغرب مكاسب كبيرة
تجعله يجابه تحديات العولمة وكذلك التحدي التنموي ناهيك عما يتعلق بالوحدة
الوطنية من خلال إدماج حل الحكم الذاتي في إطار جهوية موسعة تعمم على باقي
الجهات في إطار ما أصبح يصطلح عليه في الفقه الدستوري بالدولة الجهوية Etat
Régional أو بدولة المجموعات المستقلـــــــة Etat des autonomies .
إن إشكالية التنمية عموما ببلادنا، التي تحاول تجاوز مشاكل التخلف بمظاهره
التي تحد من التطور واندماج فئات واسعة من المجتمع في سيرورة ودينامية مجتمع
متحرك ذو قابلية للتحول والتغيير سيما وأن المراهنة اليوم هي على العنصر
البشري بالدرجة الأولى. مع الأخذ بعين الاعتبار أن التنمية المحلية لن تستطع
حلها، يتبنى نماذج استتبت في دول هي مغايرة لنا، تاريخيا وثقافيا دون أن يعني
ذلك الانغلاق وعدم الاستفادة من تجارب الغير على سبيل تطوير وخلق نموذج ذاتي.
والجهة اتخذت كقاعدة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية سيما بعدما أبانت
عنه من استجابة في التعامل مع التقنيات العصرية للتدخل والفاعلية[47].
إن إشكاليات تداخل الاختصاص بين الجهة والوحدات اللامركزية الأخرى من جهة
والدولة من جهة أخرى ونظام التمويل بالجهة وحضور ممثل الدولة القوي على مستوى
التدبير الجهوي والتقسيم الجهوي. كلها إشكالات تحد من فاعلية الجهة كفضاء
حقيقي لحل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي يعرفها المغرب والتي حددتها
خريطة الفقر بعد إحصاء 2004 والتي وقفنا على بعض مظاهرها من خلال الأرقام
الموجودة بالعرض.
إن حل هذه الإشكاليات رهين بإعطاء الجهة دينامية تدخلية ناجعة وقريبة تعطيها
وظيفة تنموية بدل الوظيفة الأمنية والضبطية التي لصقت بها.
إن الجهوية هي أساس تدعيم التنمية المحلية من خلال المشاريع التنموية
الاجتماعية والاقتصادية كما تمكن المواطنين من تنظيم وتدبير شؤونهم المحلية
والجهوية في إطار استقلال ذاتي إداري وتدبيري. كما تبدو عملية تدبير الانتقال
الديمقراطية وترسيخه في كل أنحاء المغرب، بما فيها الأقاليم الصحراوية في إطار
العبء الثقيل للممارسات السياسية التي كانت سائدة في العلاقة بين أجهزة الدولة
والمجتمع الصحراوي، والتي كانت تتحكم فيها أولوية الحفاظ على الوحدة بكل
الوسائل، بما فيها استعمال العنف. وإذا كانت بقية المناطق المغربية التي تعرضت
هي الأخرى لعنف الدولة والتي تعرف التحول الديمقراطي التدريجي لا تطرح
الاختيار الانفصالي،فإن هذا الاختيار مطروح في صفوف شرائح متعددة ضمن المجتمع
الصحراوي، ولذلك فإن تدبير التحول الديمقراطي في المناطق الصحراوية يتطلب
التفكير في الأسباب العميقة التي تدفع باستمرار الأطروحة الانفصالية ومدى
تلاءم جوهرها مع التحولات التي ما فتئ المغرب يعيشها، ومع التحولات التي
تفرضها العولمة حاليا[48].
خاتمة:
تثير المسألة الجهوية تخوفات لدى بعض صناع القرار والفاعلين
والمواطنين، من كون إقرار جهوية موسعة ومتطورة من شأنه أن يؤثر على وحدة
البلاد، وهو تخوف غير مبرر. مادام إن مركز القرار وفرض وصاية شديدة على الجهات
بحمل هذه الخيرة تتطلع إلى تحقيق اكبر قدر من الاستقلال. وأثبتت التجارب في
دول أخرى ان الجهوية داعمة وحدة هذه الدول رغم اختلاف ظروف كل منها (التجربة
الاسبانية الإيطالية تحوديا) بحيث ساهم إقرار الجهوية على احتواء التناقضات[49]
.
إن إداراة شؤون الدولة مركزيا، أصبح مستحيلا بحيث أن الحاجات المتولدة يوما
بعد يوم بالإضافة إلى المتطلبات المالية، تدعو إلى تبني سياسة جهوية تستطيع أن
تكون عاملا للتنمية. خصوصا التنمية المحلية من خلال المشاريع الاجتماعية
والاقتصادية، كما تمكن – أي الجهوية- المواطنين من تنظيم وتدبير شؤونهم
المحلية والجهوية في إطار استقلال ذاتي إداري وتدبيري[50].
والمجتمعات المتقدمة، اعتمدت الجهوية ضمن فلسفة تنموية واجتماعية واقتصادية
وسياسية محددة واضحة الأهداف والمقاصد وفاتحة على معايير وقيم منسجمة ومطالب
وخصوصيات السياق السوسيو ثقافي التي تنمي آلية.
إذا فالجهوية سياسة تدبيرية للتسيير والتنمية وتدبير الاختلاف وقبل شكل من
أشكال التنظيم الإداري والسياسي لابد لها أن تتوفر على مجموعة من الشروط
المسطرية والتنظيمية والبشرية الضرورية. والمناخ السياسي والثقافي والاجتماعي
المناسب أي مجمل المقومات الكفيلة بنقلها من الخطاب إلى الفعل. وتحويلها من
مبادئ وقيم وأهداف وترتيبات إدارية واقتصادية ومسطرية... إلى ثقافة الممارسة.
إن الإستراتيجية الأساسية للمغرب في تكريس وحدته الترابية تكمن في تطبيق
مشروعه الديمقراطي المرتكز على الجهوية.
بحيث تصبح الجهة كفضاء ترابي ذات اختصاصات موسعة على مستوى التقرير والتنفيذ.
في إطار وحدته الترابية بعيدا عن هاجس التدبير الأمني الاحترازي.
إن رسم هذه الآفاق والتأكيد على هذه الإصلاحات نابع لإرادة الانتقال بالجهة من
طور التنمية للدولة إلى طور الشراكة معها[51] بحيث أن مخاطر التفكك أو
الانفصال التي يمكن أن تشكل العيب المحتمل للجهوية، لا يمكن الحيلولة دونها
إلا باعتماد جهوية موسعة تعتمد مبادئ الحرية والمساواة والديمقراطية ثقافة
وممارسة.
------------------------------
[1]-وهذا ما تقوم به فرنسا من خلال رصد الموارد المالية للتنمية الجهوية حيث
خصصت الحكومة الفرنسية ما يزيد على 120 مليار فرنك فرنسي لعقد خطة contrats
plan مع الجهات برسم المدة الزمنية 2000-2006.
[2]-حول هذا الموضوع انظر:
* **le Monde* n° 17723 jeudi 5 octobre 2000 p : 15
[3] - عبد الواحد مبعوث : التنمية الجهوية بين عدم التركيز الإداري
واللامركزية. أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام كلية الحقوق، الرباط- أكدال
1999-2000، ص 345.
[4] - عبد الحق المرجاني: الجهوية في بعض الدول المتقدمة وواقعها وآفاقها
بالمغرب المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد مزدوج 7-8 أبريل،
شتنبر 1994 ص: 75.
[5] -د.حسن صحيب: الجهة بين اللامركزية الإدارية واللامركزية السياسية، مجلة
الدولية،العدد 2، 2006،ص: 30.
[6] - عبد الحق المرجاني: الجهوية في بعض الدول المتقدمة وواقعها وآفاقها
بالمغرب المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد مزدوج 7-8 أبريل،
شتنبر 1994 ، ص: 78.
[7] - بن الساهل إدريس: تطور وآفاق الجهة بالمغرب، رسالة لنيل دبلوم الدراسات
العليا في القانون العام -جامعة محمد الخامس -الرباط.1995-1996 . ص: 191.
[8] -إدريس الأزهري: الجهوية والتنمية الإدارية بالمغرب، رسالة لنيل دبلوم
الدراسات العليا في القانون العام -جامعة محمد الخامس –أكدال-
الرباط.1999-2000 . ص: 31.
[9] - محمد بوبوش: الجهوية السياسية كأداة لتجاوز مشكل الصحراء، المجلة
المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، العدد 52، 2006، ص:
92.
[10]- هذه الإشكالات تمت الإشارة إليها في :
-Durand(ch.) : De l’Etat fédéral à l’état unitaire décentralisé,
Melange ,Sirey,
N°193,1956.p :202.
[11]- د.خالد قباني: اللامركزية ومسألة تطبيقها في لبنان، تقديم دولة الرئيس
سليم الحص، منشورات بحر المتوسط بيروت، منشورات عويدات: باريس طبعة 1981 ص:
162.
[12] - أنظر د. صالح المستف : " الجهة بالمغرب " رهان جديد لمغرب جديد "
المنشورات الجامعية المغاربية الطبعة الأولى 1993
[13] - أنظر إبراهييم زياني : " دراسات في الإدارة المحلية من منظور علم
الإدارة " ص 15 إلى ص 31 طبع دار القلم الرباط أكتوبر 2000
[14] - انظر محاضرة للدكتورة أمينة جبران حول الحكامة ضمن سلسلة محاضرات ألقيت
في طلبة السنة الأولى من السلك الثالث وحدة تدبير الإدارة المحلية مادة "
العلم الإداري" يوم 24/06/2005 كلية الحقوق جامعة الحسن الأول سطات المغرب (
غير منشورة ).
[15] - محمد الناصري : " مراقبة المجال الترابي أو تنميته ؟ مأزق السلطة منذ
قرن " مساهمة ضمن مؤلف جماعي بعنوان " التحولات الاجتماعية بالمغرب " ص60 -
61، إصدارات مركز طارق بن زياد للدراسات ولأبحاث ، الطبعة الأولى 2000 الرباط .
من جملة هذه الإكراهات أن المغرب يتعرض في الوقت الراهن، إلى ضغوطات خارجية
مهمة تفرض نفسها عليه. فالمغرب وكما الحال في بداية القرن العشرين ، تثقل
خدمات الدين الخارجي كاهل اقتصاده ويتسبب ضعف الاستثمارات في تعطل نموه . ولا
تكفي موارد المجال الترابي الذاتية لمواجهة الحاجيات المتزايدة للسكان الذين
زاد عددهم خمس مرات على مدى قرن من الزمن . فالتأثيرات الخارجية والسياسة
الاقتصادية والمالية تحد ، إذن ، من هامش حركة الدولة في مجال التنمية ، وعلى
صعيد استكمال الوحدة الترابية. فلا زال جزء من المغرب الشمالي محتلا من طرف
الإسبان . ولا زالت لوبيات الصيد والفلاحة الإسبانية تتصرف بكل حرية وتخرق
الاتفاقيات المبرمة فيزداد خطرها على مصالح البلاد يوما بعد يوم . ويظل المغرب
محارا في الشرق بسبب إغلاق الحدود مع الجزائر ، ومعرضا للطعن في شرعية استعادة
أقاليمه الصحراوية. أما غربا ، فهو زيادة على ذلك ، محط أطماع وضغوطات الاتحاد
الأوربي لاستغلال ثرواته السمكية رغم تعرضها للاستنزاف . والأدهى من كل هذا أن
هويته كشعب وأمة تبدو معرضة لعواقب أزمة اقتصادية واجتماعية وثقافية لا مخرج
منها بالنسبة للعديد من الشباب سوى النزوح النهائي من قراهم أو مدنهم ، وقطع
الصلة الوجدانية التي تربطهم بالعائلة والوطن .
[16] -نفس المرجع ، ص: 64
[17] علي سدجاري : " الدولة والإدارة بين التقليد والتحديث " ص 76 – 97 بدون
دار الطبع أو النشر الرباط 1994 .
[18] محمد الناصري : مرجع سابق ، ص: 19
[19] - د.محمد نجيب بوطالب : " سوسيولوجيا القبيلة في المغرب العربي " ص 82 ،
مركز دراسة الوحدة العربية، بيروت، لبنان ، سلسلة أطروحات الدكتوراه ، الطبعة
الأولى ، يونيو 2002 .
[20] - أنظر محمد بوبوش : " قضية الصحراء ومفهوم الاستقلال الذاتي "مجلة "
وجهة نظر" العدد 27 شتاء 2005 ،ص : 58 - 63 .
[21] - أحمد الحارثي: الصحراء مابين مأزق الاستفتاء والحل الوطني
الديمقراطي،مجلة نوافذ،عدد خاص، العدد 10-11،يناير 2001،ص:32
[22] - الاتحاد الاشتراكي بتاريخ 22 أبريل 2001.
[23] - محمد بوبوش: قضية الصحراء ومفهوم الاستقلال الذاتي، رسالة لنيل دبلوم
الدراسات العليا المعمقة،وحدة: المغرب في النظام الدولي،كلية الحقوق،جامعة محمد
الخامس-أكدال-الرباط، 2004-2005،ص: 117.
[24] - محمد بوبوش: الإصلاح الجهوي المرتقب: من الجهوية الإدارية إلى الجهوية
السياسية،دفاتر سياسية،العدد 104، فبراير- مارس 2009،ض: 8
[25] - علي أنوزلا: العاهل المغربي يعلن أنه لن يقبل أي حل مطروح لنزاع
الصحراء لايستجيب لحقوق المغرب المشروعة، جريدة الشرق الأوسط، العدد 9111،
بتاريخ 8 نونبر 2003.
[26] - محمد بوبوش: الجهوية السياسية كأداة لتجاوز مشكل الصحراء، المجلة
المغربية للإدارة المحلية والتنمية،"سلسلة مواضيع الساعة"، عدد 52، 2006،ص:
100.
[27] -أحمد درداري: الأبعاد السياسية والاجتماعية لنظام الجهة بالمغرب،أطروحة
لنيل الدكتوراه في القانون العام،كلية الحقوق،جامعة محمد الخامس-أكدال،الرباط،
2001-2002،ص: 113
[28] -د. الحسان بوقنطار: الصحراء المغربية:تحديات جديدة،الاتحاد الاشتراكي
بتاريخ 28 فبراير 2002.
[29] -راجع أحمد مفيد: الجهوية الموسعة وآفاق الحكم الذاتي بالأقاليم
الصحراوية،المجلة المغربية للسياسات العمومية،العدد 6، خريف 2010، ص:35.
[30]- راجع: محمد حنين : "البعد الاقتصادي للجهة"، المجلة المغربية للأنظمة
القانونية والسياسية، عدد خاص، أشغال يوم دراسي حول موضوع "النظام الجهوي
بالمغرب : واقع وآفاق"، يوم 26/02/2005، مطبعة علال بن عبد الله، الرباط،
يونيو 2005.
4- محمد اليعكوبي : " المبادئ الكبرى للحكامة المحلية " مساهمة في الندوة التي
نظمتها كلية الحقوق بطنجة يوم 22 مارس 2003 حول موضوع : "من الحكومة إلى
الحكامة " منشورة بالمجلة المغربية للإدارة والتنمية المحلية عدد 56 ماي /
يونيو 2004، ص: 14
[31] -د.الشريف الغيوبي: التضامن المجالي: أي دور للدولة؟ المجلة المغربية
للإدارة المحلية والتنمية،عدد 60، يناير-فبراير 2005،ص: 59.
[32] - M.Rousset ; La solidarité des espaces et solidarité des hommes, in
Démocratie et développement, ouvrage collectif S/D.Jaques de Lanversin,
L.G.D.J ,Paris, 1996,p :74-75
[33] - الشريف الغيوبي: إدارة القرب:آلية للتضامن الترابي،في: إدارة القرب:
المفهوم و الانعكاسات" المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية،أشغال الندوة
المغاربية المنظمة من قبل المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية والمدرسة
الوطنية للإدارة بمساهمة مؤسسة هانس سايدل الألمانية يومي 24 و 25 نونبر 2005
بالرباط،سلسلة مواضيع الساعة" عدد 53 ،2006: وكمثال على المنظمات غير الحكومية
المغربية العاملة في مجال التضامن : مؤسسة محمد الخامس للتضامن، والمبادرة
الوطنية للتنمية البشرية، وبعض الجمعيات الأخرى العاملة في المجال الخيري
والصحي والثقافي،أنظر:أحمد صابر: مبدأ التضامن في النظام الإداري المغربي:
مؤسسة محمد الخامس للتضامن،المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية،عدد
56،ماي-يونيو 2004،ص: 147 وما بعدها.
- محسن البلاوي: دور الجماعات المحلية في تحقيق أهداف المبادرة الوطنية
للتنمية البشرية ومعيقاته، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية،عدد 80،
ماي-يونيو 2008،ص:83.
[34] - د.سعيد خمري: السلطة التنفيذية لجهة الحكم الذاتي في الصحراء، المجلة
المغربية للإدارة المحلية والتنمية،عدد 80، ماي-يونيو 2008،ص: 130.
[35] -د.الشريف الغيوبي: الأسس القانونية والمقومات المالية للتنمية
الجهوية،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام،جامعة محمد الخامس،كلية
الحقوق، أكدال-الرباط، 2003،ص:329 وما بعدها.
[36] -د.الشريف الغيوبي: التضامن المجالي.....،المرجع السابق،ص: 59.
[37] جواد الرباع: الجهوية في الخطاب السياسي المغربي وسؤال التنمية، 7 فبراير
2010 على موقع:
http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2010/02/07/188589.html
[38] - امحمد الزرولي :مقاربة مستقبلية لبناء جهوي جديد بالمغرب
3/1،جريدة* *الاتحاد
الاشتراكي : 30 - 12 – 2008
[39] -: امحمد الزرولي: مقاربة مستقبلية لبناء جهوي جديد بالمغرب 3/1،
...........،المرجع السابق.
[40] -امحمد الزرولي::مقاربة مستقبلية..........المرجع السابق.
[41] - المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية،عدد خاص أشغال اليوم
الدراسي الدي نظمته مؤسسة علال الفاسي والمجلة المغربية للأنظمة القانونية
والسياسية حول موضوع : النظام الجهوي : واقع وأفاق بتاريخ 26 فبراير 2005 السنة
الرابعة يونيو 2005 ص 188 مطبعة الرسالة الرباط يوليوز 2005.
[42] - المرجع السابق ص :191.
[43] -المرجع السابق ص:211.
[44]- علي سدجاري :الدولة والإدارة بين التقليد والتحديث ، دون ناشر أو طبعة،
1994، الرباط ص: 116.
[45] - المرجع السابق ص: 116و 117.
[46] - المجلة المغربية ص، 177- 178.
[47] – محمد بلمحجوبي : إشكالية التنمية الجهوية بالمغرب. المجلة المغربية
للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة: سنة 1996 العدد 8، ص 112.
[48] – عبد الحي المودن: الدولة القومية والعولمة، في ندوة العيون:الديمقراطية
المحلية، الوحدة الوطنية والتنمية، المجموعة الوطنية للبحث حول الديمقراطية
المحلية، منشورات أوداد الاتصال، ص: 97.
[49] - محمد بوبوش، الجهوية السياسية....مرجع سابق، ص: 94.
[50] – نفس المرجع، ص: 95.
[51] – عبد العالي حامي الدين : "آفاق الجهوية الموسعة بالمغرب" مقارنة
دستورية، المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية، عدد خاص يونيو 2005، ص
192.
----------------------------
* بقلم محمد بوبوش** *
*باحث في العلاقات الدولية،جامعة محمد الخامس،الرباط*
images (97).jpg 5كيلوبايت عرض تنزيل |
images (5).jpg 14كيلوبايت عرض تنزيل |
images (9).jpg 8كيلوبايت عرض تنزيل |
images (7).jpg 14 |