الخميس، 29 مارس 2012

قراءة في كتاب: "أزمة الصحراء الغربية"، لمؤلفـه الإعلامي الشهير الدكتور محمد سالم الصوفي

sahara 
أزمة الصحراء الغربية
(تطورها السياسي والاجتماعي والتاريخي مقاربة للنزاع من النشأة إلى عتبة التسوية)
(الصادر عن المركز الموريتاني الدولي للدراسات والإعلام(المدى
لمؤلفـه الإعلامي الشهير في قناة الجريرة الدكتور محمد سالم الصوفي 

المؤلف في سطور:
 
محمد سالم الصوفي من مواليد المذرذرة (موريتانيا) سنة 1962، حاصل على
-
دراسة دكتوراه الدولة في العلوم السياسية
-
شهادة الماجستير في التاريخ والحضارة
-
شهادة الدروس المعمقة في الدراسات الإفريقية
-
صحفي مراسل بقناة الجزيرة القطرية
 —————-
مقدمة في قراء الكتاب: يعدها المدون 

يعتبر هذا الكتاب الذي بين أيدينا مرجعا مهما وثمرة ناضجة حصدها المؤلف في مراجعته لنيل درجة الدكتوراه في (العلوم السياسية) وكان هذا الكتاب محض دراسة “مركز البحوث والدراسات الافريقية التابع” لجامعة إفريقيا العالمية بالخرطوم”، وقد طبع الكتاب في 255 صفحة تناولت في مجملها” بإسهاب تاريخ المنطقة بأسرها والظرفية الزمانية والمكانية والبعد الجغرافي والاقتصادي
وكذلك دور الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الأمريكية من قضية
الصحراء، وقد إعتمد الملف إلى بعض المراجع القيمة التي تدعم الكتاب، وقد صدر الكتاب عن “المركز الموريتاني الدولي للدراسات والإعلام” (المدى)
ويتناول المؤلف في
مقدمة الكتاب السبل التي أدت إلى أهمية تناول البحث، وإجازته من قبل لجنة التحكيم والمناقشة وذلك في صيف سنة 2005 أوج الصراع الديبلوماسي حول قضية الصحراء الغربية، ولقد اخترنا هذا الكتاب لأهمية ماورد فيه على بساط البحث الأكاديمي عربيا وافريقيا ودوليا، لنستطرد من خلاله الأبعاد السيكولوجية لمفهوم “جبهة” البوليساريو والآفاق التي تناولها الكاتب في مراحل النزاع حول الاعتراف بجبهة البوليساريو والدور الذي تلعبه اطراف النزاع الثلاث وهم المغرب والجزائر وموريتانيا وطرف رابع هو دور الأمم المتحدة النشط في تفعيل التنافس الدبلوماسي بين المغرب وجبهة البوليساريو، حيث لم يقتصر الجمود والتوتر الذي أوجدته مشكلة الصحراء الغربية على الدول المغاربية، والأمم المتحدة فقط  بل تعداها الى الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة لتقديم مقترحاتهم في هذا النزاع وخاصة مقترحات الأمين العام للأمم المتحدة و رئيس الوحدة الإفريقية من اجل تمكين شعب إقليم الصحراء الغربية من ممارسة حقه في تقرير المصير و الاستقلال وفقا للائحة (XV)1514 و 5040 للجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 14/12/1960 و 3/12/1985على التوالي ، و طبقا للقرار AHG(XIX)104 المتبنى من قمة أديس أبابا المنعقدة من 6-12/6/1983 ، من طرف رؤساء الدول الإفريقية . و لهذا الغرض قام الأمين العام للأمم المتحدة والرئيس الاسبق لمنظمة الوحدة الإفريقية باتصالات و مشاورات مع طرفي النزاع في الصحراء الغربية ، المغرب و الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب (جبهة البوليساريو) من أجل الوصول إلى اتفاق يسمح بتنظيم استفتاء عادل و نزيه دون أية ضغوط عسكرية أو إدارية، ففي إبريل نيسان 2001 زار وفد من الكونغرس الأمريكي، مؤلفا من اثني عشر عضوا، الصحراء الغربية واجتمع مع زعماء قبائل الصحراء الغربية ووجهاء منشقين عن جبهة البوليساريو طالبو بالتدخل من أجل فك الحصار عن الصحراويين في مخيمات تندوف فيما كان في نفس الوقت وزير الداخلية الفرنسي السابق يزور المغرب مؤيدا إقامة حكم داخلي في الاقليم، وأعلن “جوسبان” رئيس وزراء فرنسا (الأسبق) انه نظر في الجهود القائمة على صعيد قضية الصحراء وأعرب أنه يدعم، ٍجهود”أنان”الامين العام السابق للامم المتحدة ومبعوثه “جيمس بيكر” james beker، حيث إن الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة و رئيس منظمة الوحدة الإفريقية يعتبران أن هذه المقترحات تشكل قاعدة اتفاق عملية و معقولة لتطبيق القرار AHG(XIX)104 لمنظمة الوحدة الإفريقية، والقرار(5040) للجمعية العامة للأمم المتحدة مع أخذ مصالح الطرفين بعينٍ الاعتبار. ولهذا الغرض تقدما باقتراحات لحل المسألة الصحراوية، من شأنها أن تسمح لشعب هذا الإقليم بممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير و الاستقلال في الظروف التي يراها مناسبة و تقبلها المجموعة الدولية.
ويبقى هذا من باب تجاذب الأطراف وتأثير قضية البوليساريو على الأسرة
الدولية.،إذ يعتبر هذا النزاع أطول نزاع بين أطراف عربية في العصر الحديث وأكثره تعقيدا.،وعلى أساس هذه المقدمة و المعطيات التي توضح التصور لمنطلقات مخطط التسوية. من خلال مرجعنا السابق يتناول المؤلف البعدين الاجتماعي والتاريخي كدور مهم من حل هذه التسوية كما سنرى لاحقا
لمحة تاريخية (البعد التاريخي)
ينتمي سكان هذه القبائل قديما إلى حقب تزيد أو تنقص قليلا عن
(700.000) سنة حيث تلاحقت بالمنطقة مجموعات بشرية قادمة من عرب المعقل في مطلع القرن السابع الميلادي (راجع نفس الكتاب) وتقول بعض الدراسات كما يشير المؤلف في كتابه (ازمة الصحراء الغربية) إلى أن بعض سكان هذه المنطقة نازح من الشمال وينتمون إلى الجنس الآري، ومن قبائل الغاليين والرومان والوندال الذين نزحوا من اليمن بعد انهيار سد مأرب إثر معركة طالوت وجالوت بفلسطين عقب هزيمة الكنعانيين, ويأكد مارلمون ضمن كتابه “إفريقيا” أن اغلب سكان الصحراء الغربية إنتقلوا من خمس جاليات أو قبائل من  السبئيين القادمين مع (إفريقش) ملك اليمن ، وهم يمثلون في الغالب سكان بلاد البربر ونوميديا ويطلق عليهم تسمية صنهاجة، مصمودة، زناتة، وهوارة
ومع مجيء
قادة الفتح الاسلامي في القرن التاسع الميلادي توافدت إلى المنطقة القبائل العربية القادمة من المشرق العربي والجزيرة العربية خصوصا، واختلطت بالسكان الاصليين زناتة وصنهاجة حيث مثل عامل امتزاج قبائل الصحراء الغربية الاصليين البربري (صنهاجة) والاصل العربي (القبائل القادمة من شبه الجزيرة العربية)
ويمثل الآن سكان
المنطقة هيمنة قبائل المجتمع “البيظاني” نسبة إلى البيض وهم سكان الصحراء الكبرى المنحدرون من أصول بربرية وعربية، وترتكز أساسا في موريتانيا وتنتشر في مالي والنيجر والجزائر وأطراف من المملكة المغربية
إعـلان الميلاد: (البعد الاجتماعي)
أُعلنت الجمهورية العربية الصحراوية
الديمقراطية يوم 27 فبراير- شباط سنة 1976م من قبل جبهة البوليساريو. و في السادس من مارس- آذار 1976م تم تشكيل أول حكومة صحراوية برئاسة محمد الأمين أحمد ضمت عددا من الوزارات الميدانية التي سارعت إلى تنظيم واستكمال الهياكل التنظيمية والإدارية “”للدولة الصحراوية”.وإلى حد الآن تعترف 40 دولة بالجمهورية الصحراوية، ويعتبر هذا” العدد في تراجع كبير (75 دولة أثناء الإعلان عنها، 40 دولة حاليا)، وتقيم البوليساريو علاقات مع العديد من البلدان فضلا عن عضويتها الكاملة في منظمة الوحدة الإفريقية، لكن معظم هذه الدول دول إفريقية قامت الجزائر بإقناعها بالاعتراف بهذه الدولة.
يذكر أن قادة الجبهة لا يسيطرون على “الدولة الصحراوية”كاملة فالمملكة
المغربية تسيطر على 80 بالمائة. والبقية التي تسيطر عليها الجبهة هي الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و” وادي الذهب” المعروفة باسم البوليساريو (بالإسبانية: Polisario) وهي حركة تسعى إلى انفصال “الصحراء الغربية ” عن المغرب وتأسيس “”الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية”. وكلمة البوليساريو هي المختصر الإسباني” المكون من الحروف الأولى لاسم “الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب”” “والذي يظهر من خلال الاختصار الإسباني للاسم: Frente Popular de Liberaciَn de Saguيa el Hamra y Rيo de Oro.
واللغة السائدة في البلاد هي العربية إلى جانب
الاسبانية اللغة الثانية أما أغلب لهجات المنطقة فهي الحسانية اللهجة المنتشرة بشكل كبير في موريتانيا بنسبة أقل في مناطق أخري كمالي، كما أشرنا سابقا
وتأسست جبهة
البوليساريو في سبعينيات القرن الماضي حين احتضنتها الجزائر ومولتها ليبيا وتزايد الاعتراف بها دوليا في البداية بين الدول الاشتراكية خصوصا بسبب القطبية الثنائية، حيث كانت البوليساريو تمثل المعسكر الاشتراكي بقيادة “الاتحاد السوفياتي”، بينما كان المغرب حليفا للمعسكر الغربي، ومع الثمانينيات استطاع المغرب أن يعزز وجوده العسكري في الصحراء مانعا هجمات البوليساريو العسكرية من اختراق جداره المنيع (الجدار الرملي: وهو جدار أقامه المغرب لمنع مقاتلي البوليساريو من التسلل إلى داخل الصحراء الغربية)، حيث كان مقاتلو البوليساريو يقومون من حين لآخر بهجمات سريعة على مدن الصحراء الغربية تحت شعار “تحرير الصحراء من المغرب” يستهدف فيها العديد من المغاربة بالاعتماد على حرب العصابات. ويعتبر المغرب جبهة البوليساريو من مخلفات الحرب الباردة، وحتى الآن لم تستطع منظمة الوحدة الأفريقية ولا منظمة الأمم المتحدة من الوصول بعد إلى حل سلمي وشامل لنزاع الصحراء الغربية الذي قارب عمره ثلاثة عقود والذي يرى البعض أنه يظل حائلا دون قيام اتحاد بين دول اتحاد المغرب العربي ومصدر توتر في المنطقة.
خاصة مع توسع أطماع الدول المجاورة في ثروات الصحراء فهي أرض
شاسعة وغنية أيضا من معادن الفوسفات والذهب الاسود هذه المعادن وغيرها الذي يمثل في المستقبل مكونات الاقتصاد الصحراوي.
وبالعودة إلى الكتاب الذي بين أيدينا نستخلص
بعض الآراء الواردة ضمن أفق الكتاب التي أردنا فيها النقاش حول مسألة “ازمة الصحراء” الغربية” لإبراز مانراه صائبا خلال تقديم موجز وسريع لنتصفح بعض القضايا المطروحة” على طاولة التجاذب السياسي الاقليمي والدولي حول تحديد مصير الصحراء الغربية.
الموقف الموريتاني حيال قضية الصحراء
الغربية
وفي خلاصة موجزة، يصنف الكاتب العلاقات الموريتانية المغربية
بأنها مبنية أساسا على الاتفاق المبرم عسكريا بين البلدين ولذي مكن إثره للقوات المغربية الانتشار في الصحراء لحماية الحدود وصد هجمات مقاتلي البوليساريو، ويرى الكاتب أن هذه العلاقات تراجعت بعد الانقلاب الذي قاده الرئيس السابق، مصطفى ولد السالك، على نظيره الرئيس المختار ولد داداه سنة 1978م هذا الانقلاب الذي ألقى بظلاله علاقات البلدين وزاد في تصعيد التوتر(يضيف الكاتب) أن الرئيس محمد خونا ولد هيداله الذي أطاح بولد السالك اعترف بالجمهورية الصحراوية، إلا أن العلاقات تحسنت من جديد منذ مجيء معاوية ولد الطايع سنة 1984م الذي ساس جهودا توفيقية وحدت المنطقة وأدت إلى تأسيس (الاتحاد المـغاربي) سنة 1989 في قمة مراكش على خلفية وفاق مغربي جزائري بين الرئيس الجزائري السابق الشاذلي بن جديد والملك الراحل الحسن الثاني، ثم أعدت موريتانيا عضوا مراقبا في خطة الاستفتاء، في الصحراء التي أقرتها الأمم المتحدة عام 1991، لكنها تحولت إلى اقتراحات سياسية لحلول يرعاها الوسيط الدولي جيمس بيكر شريكا إلى جانب الحزائر.

الخلاصـــة
:
يتضمن الكتاب عدة محاور أساسية
لايسعنا الوقت لتناول مجملها فالكتاب متشعب ومبوب إذ يحوي عدة فصول تتناول في مجملها قضية الشد والجذب لأزمة الصحراء الغربية والمراحل التي مرت بهذا التجاذب السياسي والاختلاف حول تحديد الهوية.
ويضم الكتاب كذلك 9 ملحقات سنوردها في ما
يلي:
الملحق الأول: - إتفاقية مدريد الثلاثية 14 نفمبر 1975 وتحتوي على ستة فصول
الملحق الثاني:إعلان قيام الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية “المنعقد يوم الجمعة 17 فبراير1976م، الموافق 27 صفر” 1396هـ.
الملحق الثالث: - إتفاق سلم بين الجمهورية الإسلامية الموريتانية وجبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب (البوليساريو) المنعقد في الجزائر بتاريخ: 5 أغسطس 1979م.
الملحق الرابع: - مقررات مؤتمر القمة العربي السابع في الرباط، خلال الفترة مابين 26- 29 أكتوبر 1974م.
الماحق الخامس: - حوار بعيد عن الأضواء في برشلونة، بين شخصيات مغربية، وجزائرية ومسولين في البوليساريو، حول الحل الثالث لقضية الصحراء.

الملحق السادس: - اتفاقية تحديد الممتلكات الفرنسية والاسبانية في إفريقيا الغربية في ساحل الصحراء وساحل غينيا، الموقعة بباريس، بتاريخ 26 يونيو 1900 وتم التوقيع عليها ضمن مسودة تضم 10 فصول وقعت وحررت بنسختين من طرف ديلكساي ودي ليون آي كاستيو في باريس.الملحق السابع: - وثيقة الاستقلال الموقعة بتاريخ/ 2مارس سنة 1956م تحت عنوان “البيان” المشترك بين المغرب وفرنسا” “الملحق الثامن: - البروتوكول الملحق بالبيان المشترك في 2 مـارس 1956.
الملحق التاسع والأخير: - بيان إستقلال المغرب بتاريخ 6 ابريل 1956م، الصادر من اسبانيا والمغرب
وفي نهاية الكتاب
يسرد الملف أسماء بعض المصادر العربية والغربية التي اعتمدها كمرجع لهذا الكتاب، الذي يعتبر مادة مفيدة للكتاب والباحثين والمؤرخين وحتى الإعلاميين حيث أراده المؤلف أرشيفا نادرا عن واقع وآمال المجتمع الصحراوي الذي يتعدى في أبعاده السيكولوجية تركيبة المجتمع البيظاني، إلى دولة وليدة الفطرة ضاربة جذورها في أعماق التاريخ العربي العتيق.
وخلاصة القول… لكي لا يأخذنا الإسهاب بعيدا، فالكتاب
موجود الآن في السوق لمن أراد أن يتطلع عليه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق